انطلقت اليوم فعاليات المنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في الشرق الأوسط، تحت عنوان "مكافحة الاتجار بالأشخاص في مواسم الاستقطاب السياحي الرياضة مثالا"، برعاية سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل.
ويناقش المنتدى الذي تنظمه وزارة العمل، ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، بالتنسيق مع الأمانة العامة الدائمة للمنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص بمنطقة الشرق الأوسط، التحديات والتطورات وآخر المستجدات حول آليات مكافحة الاتجار بالبشر في دول الشرق الأوسط، إضافة إلى تبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وكيفية تعزيز وتنمية قدرات العاملين في مجال مكافحة الاتجار البشر.
ويشارك بالمنتدى، الذي يستمر على مدى يومي 16 و17 مايو الجاري، أصحاب السعادة الوزراء ورؤساء الهيئات المختصة بالمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وفي هذا الإطار، أكد سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، أن دولة قطر قدمت خلال تنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، نموذجا يحتذى باحترام حقوق الإنسان ومكافحة قضايا الاتجار بالبشر المتعلقة بالأحداث الرياضية الكبرى، منوها بتطبيق أعلى المعايير الدولية، ما عزز من مكانة قطر كوجهة سياحية رائدة في تنظيم أبرز التظاهرات الرياضية الدولية.
وأوضح سعادته خلال كلمته في افتتاح المنتدى، أن المواسم السياحية واستضافة التظاهرات الرياضية الدولية تزيد من التحديات المرتبطة بمكافحة الاتجار بالبشر واحترام حقوق الانسان، مشيرا إلى أن جهود فريق النمو المستدام والعمل اللائق في قطاع الضيافة ساهم في الحد من مخاطر الاتجار بالبشر، بالتنسيق مع الجهود المماثلة على مستوى الدول والقطاعات الأخرى.
وقال: "إن الاتجار بالبشر أضحى ظاهرة عالمية تشكل تهديدا للمجتمعات، وتمثل تحديا كبيرا لإرادة المجتمع الدولي، وسعيه لتحقيق التنمية والرخاء للشعوب".
وأوضح سعادة وزير العمل أن دولة قطر بذلت جهودا ملموسة في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر التزاما بالقانون الدولي، وتعزيزا للتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، منوها بدعم قطر لخطة عمل الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر والاستجابة الفعالة لمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال إرساء الإطار القانوني والمؤسسي الوطني، ودعم جميع الجهود الوطنية والدولية.
ولفت إلى أن الإصلاحات الشاملة لقطاع العمل خلال الفترة الأخيرة، عززت الإطار التشريعي المتعلق بمعالجة الأسباب الهيكلية المؤدية إلى ظاهرة الاتجار بالبشر، ولا سيما من خلال إلغاء نظام الكفالة بشكل كامل، وإلغاء مأذونية الخروج وتسهيل حركة العمال وانتقالهم في سوق العمل، ووضع حد أدنى غير تمييزي لأجور العمال والمستخدمين بالمنازل، فضلاً عن تعزيز الحوار الاجتماعي وسبل الانتصاف الفعالة.
وبين أن انعقاد هذا المنتدى، يأتي ضمن جهود تعزيز الحوار بين المكوّنات الوطنية والشركاء الاجتماعيين والإقليميين والدوليين بهدف تبادل المعلومات وتفعيل التشاور والحوار المشترك، معرباً عن أمله في أن يتم تبادل التجارب الرائدة في حماية العمال من ظواهر الاتجار بالبشر خلال المنتدى، بالنظر إلى الأهمية المتزايدة لهذه المسألة في ظل التحديات المرتبطة بها.
وأكد سعادة الدكتور علي بن صميخ المري عزم دولة قطر على مواصلة الجهود والتعاون المثمر مع الشركاء المحليين والدوليين والاستمرار في تطويرها كركيزة أساسية خلال الفترة المقبلة.
بدورها، دعت سعادة الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري، رئيس هيئة حقوق الإنسان، ورئيس لجنة مكافحة الاتجار بالبشر في المملكة العربية السعودية، إلى إعداد تصور إقليمي موحد لاستغلال السياحة في جرائم الاتجار بالأشخاص، ووضع الآليات المناسبة لمكافحتها بالتعاون مع المنظمات الدولية.
وشددت خلال كلمتها في المنتدى، على ضرورة تعزيز التواصل بين الدول المشاركة في المنتدى والدول العربية الأخرى، وفق التزاماتها بالبروتوكولين الدولي والعربي لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والأطفال، مشيرة إلى أن أهمية المنتدى تضاعفت لا سيما وأن موضوعه لهذا العام يتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص في مواسم الاستقطاب السياحي، ليسهم في وضع الحلول العملية لمواجهة الطرق والأساليب المستجدة للمتاجرين، والتي تستغل السياحة في تنفيذ مخططاتها الإجرامية.
وأكدت التويجري أن نجاح المملكة العربية السعودية في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص يأتي على خلفية الإصلاحات الكبيرة التي تبنتها المملكة، بما انعكس على تطوير البنية القانونية والمؤسساتية، مشيرة إلى أن المملكة تدرك خطورة جرائم الاتجار بالأشخاص، وتعمل على مكافحتها من خلال سن إجراءات للوقاية والحماية والمساعدة والملاحقة القضائية.
من جانبه، أكد سعادة السيد عبد الله بن سلطان النعيمي وزير العدل، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الاتجار بالبشر تعد قضية ذات اهتمام دولي، إذ تشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن هذا النوع الخطير من الجرائم المنظمة يهدد قرابة (25) مليون شخص على مستوى العالم، مشيرا إلى أن التقارير الدولية تؤكد أن النسبة الأكبر من ضحايا الاتجار بالبشر هم من الباحثين عن فرص الهجرة المؤقتة بغرض العمل، بهدف خلق مستقبل وحياة أفضل لهم ولذويهم.
وقال سعادته خلال كلمته في المنتدى:" لا يسعني إلا أن أشيد بالنجاح الباهر الذي حققه الأشقاء في دولة قطر أثناء استضافتهم لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 في نهاية العام الماضي، كما أنتهز هذه المناسبة لأبارك لهم على اختيار قطر لاستضافة كأس العالم لكرة السلة في 2027، وإنني على ثقة أن دولة قطر الشقيقة ستبهر العالم من جديد، من خلال تقديم تجربة رياضية متميزة".
وبين النعيمي أن دولة الإمارات اتخذت عدة تدابير وتبنت نهجا وطنيا شاملا يستند على التعاون والتنسيق الكامل بين جميع الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز التعاون والتكامل بين جهات إنفاذ القانون، من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتسخير أجهزة الإعلام الوطنية في سبيل خلق بيئة آمنة للفئات الأكثر هشاشة.
وأشار إلى أن التوسع باستخدام تكنولوجيا المعلومات ساهم في دخول جريمة الاتجار بالبشر إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أتاحت التقنيات الحديثة للمتاجرين بالأشخاص أدوات عديدة لاستقطاب الضحايا واستغلالهم والسيطرة عليهم، مبيناً أن دولة الإمارات بصدد تعديل قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، بما يتواكب مع المستجدات في سبيل مكافحة تلك الجرائم.
من جهته، أكد سعادة الدكتور عامر بن محمد علي محمد، وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص بدولة الكويت، أن الدول الإسلامية والعربية كان لها تاريخ طويل وحافل في مواجهة الاتجار بالأشخاص، إذ حرمت أحكام الشريعة الإسلامية كافة صور الاتجار بالأشخاص، قبل تضمينها في المواثيق والاتفاقيات الدولية.
وبين سعادته خلال كلمته في المنتدى، أن ظاهرة الاتجار بالأشخاص أصبحت ظاهرة محل عناية واهتمام للدول كونها تمس حياة الأفراد والشعوب، وتزداد تطورا وتعقيدا، مشيرا إلى أن دول العالم أخذت في التصدي لهذه الظاهرة الاجرامية باللجوء إلى المصادقة على الاتفاقيات التي خصصت لمكافحة الجريمة في بعض صورها الشائعة، بهدف الحد من آثارها على المستويين الداخلي والدولي.
وأوضح أن دولة الكويت عملت على تعريف الجريمة في التشريعات الوطنية، إذ تناولها المشرع الوطني في قوانين الجزاء بالعقاب المشدد بالنظر إلى ما تلحقه بالدولة ومواطنيها من أضرار جسيمة، لافتاً إلى أن قانون العمل استهدف تحقيق موازنة عادلة بين مصلحة العمال وحمايتهم من ناحية، ومصلحة أصحاب الأعمال.
وأشار سعادة الدكتور عامر بن محمد علي محمد، إلى أن دولة الكويت تدرك جيدا أهمية التعاون والانفتاح على تجارب الدول الأخرى في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص لما تمثله من جريمة عابرة للقارات، مؤكداً ضرورة التعاون الدولي في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر، وصولا إلى الهدف الأسمى لحماية الإنسان، والحفاظ على الكرامة الإنسانية.
إلى ذلك، بينت السيدة شيرين الساعاتي ممثل الأمانة العامة الدائمة للمنتدى الحكومي، أن انعقاد المنتدى في دورته الرابعة، يأتي في وقت نحتاج فيه إلى مزيد من تعزيز الشراكات ومد الجسور على المستويين الوطني والدولي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، مشيرة إلى ضرورة التصدي لهذه الجريمة من خلال ركائز تشمل الأطر القانونية والوقاية والمنع والملاحقة القضائية وحماية الضحايا ومساعدتهم.
وبينت خلال كلمتها في المنتدى، أهمية شمول الوافدين في مواسم الاستقطاب السياحي ضمن خططنا التنموية، وذلك عبر تسخير مساهماتهم في تحقيق أهداف ومقاصد التنمية المستدامة، لافتة إلى ضرورة تعزيز التعاون لضمان الهجرة الآمنة في مختلف جوانبها.
وأعربت الساعاتي عن أملها في أن تسهم مخرجات وتوصيات أعمال المنتدى في وضع رؤية موحدة لمواجهة جريمة الاتجار بالأشخاص في مواسم الاستقطاب السياحي، والعمل على وضع الأدوات اللازمة لذلك، من خلال تنسيق وطني ودولي يعتمد على تضافر الجهود وتبادل الخبرات، بحيث يكون منتجا لشراكة حقيقية وممارسة فضلى في التعامل مع مختلف صور جرائم الاتجار بالأشخاص.
من ناحيته، أكد الدكتور حاتم علي الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، أهمية المنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، كونه منصة لتداول الخبرات والتجارب والسياسات والاستراتيجيات التي تطورها الدول الأعضاء في مواجهة هذا التحدي الذي يستهدف دول المنطقة.
وبين خلال كلمته في المنتدى، أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة سيعمل مع المنتدى الحكومي لتنفيذ توصيات الدورات السابقة والتوصيات التي ستخرج من الدورة الحالية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الإنجازات على مستوى دول المنطقة فيما يتعلق بمكافحة قضايا وجرائم الاتجار بالأشخاص، لا سيما وأن المنطقة من أكثر المناطق التي تواجه تحديات جرائم الاتجار بالبشر.
من جانبها، أكدت السيدة إيمان عريقات رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في قطر، أن دولة قطر قدمت نموذجا ايجابيا ومشجعا في مكافحة الاتجار بالبشر، وقطعت أشواطا ثابتة في هذا المجال.
وقالت في كلمتها خلال المنتدى: إن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يقعون في كل عام فريسة في أيدي المتاجرين في بلدان الأصل والعبور والمقصد، مشيرة إلى أن فئة المهاجرين تبقى الأشد ضعفا وعرضة لمخاطر الاتجار بالبشر، حيث يمنح المتاجرون بالبشر ضحاياهم وعودا وهمية وعقود عمل مزيفة.
وأضافت أنه بالرغم من أن الأحداث الرياضية الكبرى هي ملتقى للثقافات ومصدر للتبادل الإنساني والحضاري، إلا أنها تساهم في زيادة مخاطر الاتجار بالبشر، موضحة أن الأحداث الرياضية في كل الدول التي تستقطب جمهورا كبيرا تعتبر بيئة حاضنة ومشجعة للمتاجرين، فتكثر فيها حالات الاستغلال، وغالبا ما تترافق الأحداث الرياضية الدولية مع مشاريع بناء بنى تحتية ضخمة، تتطلب أيدي عاملة كبيرة.
وأشارت عريقات إلى أن المنظمة الدولية للهجرة بدأت بالعمل في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص عندما واجهنا مهاجرين للمرة الأولى يعيشون في ظروف أشبه بالعبودية في جنوب شرق أوروبا في منتصف التسعينيات، وفي ذلك الوقت لم يكن يُعرف إلا القليل عن هذا الشكل الحديث للرق، مبينة أن الجهات الفاعلة كانت قليلة والتمويل ضعيف والمبادرات متواضعة آنذاك.
وأكدت أن هذه الجرائم تتطلب تدخلات شاملة منها التوعية العامة، والملاحقة القانونية وحماية الضحايا، وبناء القدرات المؤسسية، وإجراء البحوث، مشيرة إلى أن المنظمة الدولية للهجرة دعمت جهود الحكومات بهذا الإطار، عبر تسخير إمكانياتها الدولية لتقديم الدعم التقني والفني للتعرف على الضحايا وكيفية الاستجابة لحالات الاتجار بالبشر وسبل تقديم المساعدة، والمساهمة في وضع سياسات متسقة لمكافحة الاتجار بالبشر.
بدورها، ثمنت نائب رئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية نتالي بيكر، جهود دولة قطر التي بذلتها خلال استضافتها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، مشيدة بالإصلاحات التي أدخلتها على منظومة العمل ومكافحة الاتجار بالبشر.
وأكدت أن الإدارات المعنية في الولايات المتحدة الأمريكية للتعاون، تتطلع إلى زيادة التواصل مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لمحاربة هذه الجريمة، مشددة على دور جهات إنفاذ القانون والجهات القضائية في تطبيق القوانين للتخلص منها.
من جانبه، ثمن مبعوث الهجرة والعبودية الحديثة في مكتب الكومنولث الأجنبي والتنمية في المملكة المتحدة ستيفن مالبي، الجهود التي تبذلها الحكومة القطرية في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، من خلال الإصلاحات والتشريعات التي أدخلتها على بيئة العمل، مؤكدا التزام بلاده بالشراكة مع دولة قطر لمكافحة هذه الجريمة.
ودعا إلى تشكيل فريق دولي لزيادة الوعي والتعريف بهذه الجريمة، مؤكدا استعداد المملكة المتحدة لتقديم المساعدة في جهود مكافحة الاتجار بالبشر.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق