انتقد الإعلامي البريطاني بيرس مورغان خلال افتتاح برنامجه "بعيداً عن الرقابة" ما وصفه بـ"نفاق الغرب" لا سيما بريطانيا فيما يتعلق باستضافة قطر لكأس العالم 2022، مبرزا "خلال الأسابيع الماضية كانت الرواية سلبية بشكل فريد حول كأس العالم مدفوعة غالباً من إنجلترا ولكن هنا في الدوحة الحقيقة تبدو مختلفة تماماً". وقال: "أنا موجود في الدوحة منذ عدة أيام، ووجدت مدينة رياضية عالمية مزدهرة، ومشاهد مذهلة للبطولة تجري في ملاعب رائعة مصممة بشكل هادف، تمتلئ أكثر مع كل مباراة".
وأضاف مورغان "الأحاديث في قطر لا تتعلق بقبعات قوس قزح أو شاراتها بل تتعلق خصوصاً بكرة القدم، البطولة هنا في قطر لا تشبه كل العناوين الإخبارية السيئة التي نراها في بلادنا". و تابع: "المشجعون من حول العالم يختلطون بأمان وسعادة، وعلى الرغم من أن الكحول لا تباع في الملاعب، فإن من يريدون شرب الخمور يمكنهم فعل ذلك في أماكن كثيرة، وليس هناك ما يشير إلى المشاهد المخزية المليئة بالخمور لنهائي كأس الأمم الأوروبية في ويمبلي، ويبدو أننا نسينا في إنجلترا أنه في عام 1966 عندما استقبلنا كأس العالم، كانت المثلية ممنوعة في بلادنا".
وانتقد مورغان إزدواجية المعايير لدى الغرب و أورد:" يبدو أن الهالات الأخلاقية قد انزلقت فوق أعين بعض الناس وحجبت بعض الحقائق البارزة إلى حد ما". وألمح مورغان إلى أن الشرق الأوسط يحتاج إلى الكثير من الوقت لعلاج مشاكل حقوق الإنسان، و"لكن الأمر ينطبق أيضا على العديد من دول أوروبا، بصراحة عندما يتعلق الأمر بالأخلاق هل نحن حقا في إنجلترا في موقع مناسب لإلقاء محاضرات على الشرق الأوسط حول القوانين أو القيم بعد أن غزت العراق بشكل غير قانوني وأشعلت هناك شرارة عقدين من الإرهاب؟". وتحدث الصحفي البريطاني عن الاستثمارات القطرية في بريطانيا، مشيراً الى أن بلاده تستورد 25% من الغاز القطري وهو أمر يدعو للتفكير هل يفضل البريطانيون قطع قطر لغازها عنهم في الشتاء ؟؟
وختم مورغان مقدمته قائلا: "هذه البطولة وحدت الشرق الأوسط حول جنون كرة القدم لطالما استحقت هذه المنطقة استضافة كأس العالم، ودون نكران بإمكاني أن أقول لكم هذا ما يفكر به أغلب الناس هنا، أن قطر تقوم بعمل رائع".
ومنذ ما قبل انطلاق البطولة، لا يفوّت بيرس مورغان أية مقابلة صحفية دون إظهار التناقضات التي وقع فيها الإعلام وبعض الجهات الرسمية البريطانية، مؤكدا أن بلاده "هي آخر من يمكن أن يقدم دروسا أخلاقية للآخرين".
ورغم الهجوم الحاد الذي يتعرض له مورغان على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا تويتر، فإن هذا لم يمنعه من التعبير عن مواقفه المنتقدة للحملة الإعلامية ضد كأس العالم في قطر، ومن يعرف بيرس مورغان جيدا يعلم أنه لا يتراجع عن مواقفه بسهولة وإن كلفته منصبه.
وكان الملايين من البريطانيين الذين كانوا ينتظرون متابعة حفل افتتاح كأس العالم على شبكة "بي بي سي" البريطانية قد فوجئوا بقرار الأخيرة عدم بث الحفل، ليظهر عوضا عن ذلك اللاعب البريطاني الشهير غاري لينكر متحدثا عن أسباب القرار، وكيف أن هذه هي "الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البطولة".
ولم يتأخر رد بيرس مورغان الذي غرّد على حسابه بتويتر، معتبرا أن هذا القرار "هو عدم احترام فظيع لدولة قطر"، وقال الإعلامي البريطاني الذي يقدم برنامج "توك تي في" إنه إذا كانت "بي بي سي تشعر بالفزع، فعليهم إعادة جيشهم الضخم من الموظفين إلى الوطن وتجنيبنا هذا النفاق السخيف".
وتساءل مورغان عن "غياب هذا الوازع الأخلاقي في مونديال روسيا، وهل ستفعل "بي بي سي" ذلك تجاه الولايات المتحدة، حيث النقاشات حول منع بيع الأسلحة ومنع الإجهاض، "أم أن الدول ذات الثقافة العربية هي فقط التي تزعجكم؟"، مواصلا أسئلته "لماذا قامت بي بي سي ببث افتتاح الألعاب الشتوية في بكين؟ هل انتهاكات حقوق الإنسان هناك ليست بهذا السوء".
وردّت هيئة "بي بي سي" على مورغان بأنها فعلت الشيء نفسه مع مونديال روسيا ولم تقم ببث حفل الافتتاح، قبل أن يردّ مغردون بنشر صور للمذيعين الرياضيين البريطانيين الذين قرروا ارتداء شارة دعم المثليين في مونديال قطر، وهم يلتقطون صورا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبيل افتتاح المونديال سنة 2018.
واستنكر بيرس مورغان في إحدى مقابلاته "ادعاء الطهارة الأخلاقية" الذي تقوم به بعض الدول، متسائلا "هل بريطانيا نظيفة من الناحية الأخلاقية؟"، قبل أن يجيب "هل نحن مؤهلون من الناحية الأخلاقية لإعطاء الدروس ونحن الذين قمنا بغزو غير شرعي للعراق، والذي أعطى سنوات من الفظائع وحكم تنظيم الدولة. هل هذا يجعلنا مؤهلين لاستضافة كأس العالم؟ إن ما يحدث هو نفاق واضح".
ولا يظهر بيرس مورغان أية مؤشرات على أنه سيتراجع عن مواقفه التي يعبر عنها في تغريداته وفي برنامجه، والتي يقول إنها تركز على "عدم تسييس كرة القدم والتوقف عن التعامل بنفاق مع كأس العالم".
وطالب بيرس مورغان الأشخاص الذين لا تروقهم أفكار دول الشرق الأوسط "ألا يذهبوا إلى هناك"، قبل أن يشير في تغريدة أخرى لاعتماد المملكة المتحدة على الغاز القطري بنسبة 20% من حاجياتها من الطاقة، "وحتى نظهر لهم موقفنا علينا أن نخبر قطر أننا لا نريد منهم الغاز، أليس هذا الصواب؟!"، في إشارة من الإعلامي لازدواجية تعامل بريطانيا مع قطر عندما يتعلق الأمر بملف الغاز والطاقة.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق