تحظى العلاقات بين دولة قطر والقارة الأفريقية برصيد وافر من التحرك الدبلوماسي وتعاون إستراتيجي والاستثماري. فمنذ العقدين الأخيرين، وخاصة ما بعد الألفية الجديدة، باتت قطر لاعبًا رئيسًا في منطقة ذات اهتمام عالمي وإقليمي. على الصعيد الاقتصادي بين قطر والدول الأفريقية، تمتلك الدوحة حزمة كبيرة من الاستثمارات داخل قارة أفريقيا، كما تسعى إلى توسيع استثماراتها في أفريقيا وزيادة مشروعاتها هناك. طورت قطر صيغ تعامل متقدمة مع القارة الأفريقية؛ فانتقلت من المساعدات الإنسانية والاستثمارات المباشرة إلى الشراكات الذكية المثمرة، فأنشأت شراكات متنوعة مع كثير من دول القارة.
أسست الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة مع دول أفريقيا قواعد العلاقات الصلبة بين قطر والقارة السمراء، وتحرص الدوحة على تعزيز تعاونها مع أفريقيا في مختلف المجالات، حيث كان الحضور القطري دبلوماسيا واقتصاديا في أفريقيا بابا مهما في إطار التعاون، وتشهد العلاقات بين الدوحة وعدد من العواصم الأفريقية حالة من التعاون الاقتصادي والاستثمار والتنسيق المتبادل لم تشهدها من قبل، لما تربطهما من مصالح مشتركة تدفع إلى مزيد من التقارب.
تستثمر دولة قطر بالقارة الأفريقية في مجالات السياحة، والزراعة، والاتصالات، والمعادن، والتنقيب عن النفط والغاز، تحقيقاً لمبدأ التنويع الاقتصادي والانفتاح على الاقتصادات المختلفة. آخر الاستثمارات القطرية في أفريقيا كانت من خلال شركة "قطر للبترول"، التي تعتبر أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية تستحوذ بموجبها على حصة تبلغ 45% في المنطقتين CI-705 وCI-706 البحريتين الواقعتين في حوض "إيفوريان- تانو" قبالة سواحل جمهورية ساحل العاج. كما عززت قطر شراكتها مع جنوب أفريقيا في مجالات عديدة؛ أهمها النفط والمعادن والبتروكيماويات، وبلغت الاستثمارات المشتركة بين البلدين نحو 13 مليار دولار.
وإلى جانب التعاون الاقتصادي والسياسي كانت الدوحة أيضا صانعة سلام في أفريقيا وخاصة القرن الأفريقي، وغيرها من دول القارة. أطلقت قطر مبادرة لإنشاء صندوق برعاية الاتحاد الأفريقي لتغطية تكاليف إجلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الموجودين في ليبيا إلى بلدانهم وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم، بمبلغ عشرين مليون دولار أمريكي، وتأتي في إطار رؤية قطر الداعمة للعمل الإنساني والتنموي في دول الاتحاد الأفريقي، وتخفيفاً للظروف المعيشية الصعبة لهؤلاء المهاجرين. وأعرب سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة رسمية صدرت عن مكتبه، عن تقديره الشديد لهذه الجهود قائلاً: "إن الأمم المتحدة تقدر كثيراً الجهود التي تبذلها دولة قطر ومفوضية الاتحاد الأفريقي في اتخاذ إجراءات عملية في هذا المسعى".
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق